يعرف المكتب الفدرالي للهجرة هذه الأيام اضطرابات أسفرت عن اتخاذ قرار بإخضاعه لتحقيق خارجي بسبب إهمال ملفات ما بين 7 و 10 آلاف طالب لجوء عراقي في كل من سوريا ومصر، وقد تكون وراء الإطاحة بمديره آلار دي بوا-ريموند.
ورغم تأكيد أطراف مسؤولة على عدم وجود علاقة مباشرة بين قرار وزيرة العدل والشرطة بإقالة مدير المكتب، وفتح تحقيق في الأسباب الكامنة وراء إهمال آلاف طلبات اللجوء العراقية، فإن تزامن القضيتين، دفع وسائل الإعلام والمراقبين إلى طرح التساؤلات عن الأسباب التي جعلت أهمّ مؤسسة رسمية معنية بقضايا اللجوء والهجرة في سويسرا تعرف هذا القدر من المشاكل. ملفات عالقة منذ 2006وفي الواقع، تعود قضية طلبات اللجوء التي تقدم بها مواطنون عراقيون إلى سفارتي سويسرا في القاهرة ودمشق في النصف الثاني من العشرية الماضية، إلا أن الرأي العام ووسائل الإعلام في الكنفدرالية لم يطلعا على تفاصيلها إلا يوم الأربعاء 31 أغسطس 2001 بعد تصريحات صادرة عن وزيرة العدل والشرطة السيدة سيمونيتا صوماروغا.
فقد أوضحت الوزيرة بأن الأمر يتعلق بما بين 7 و 10 آلاف ملف لطالبي لجوء عراقيين تقدموا بها في سفارتي سويسرا في كل من سوريا ومصر في الفترة المتراوحة ما بين عامي 2006 و 2008، والتي لم تتم معالجتها بالمرة. وأشارت سوماروغا إلى بأنها "اكتشفت الملفات العالقة في نهاية شهر مايو الماضي بعد أن أطلعتها على ذلك شخصية من خارج الإدارة". من جهة أخرى، لم يبذل مدير المكتب الفدرالي للهجرة المُقال، السيد ألار دي بوا ريموند (الذي تولي المنصب في بداية عام 2010) أي جهد لإطلاع وزيرة العدل والشرطة على المسألة "بعد اكتشافه للملفات المتراكمة وشروعه في معالجتها".
تبعا لذلك، أمرت الوزيرة الإشتراكية بوقف معالجة الملفات وفتح تحقيق خارجي في القضية وأوكلت المهمة إلى القاضي الفدرالي السابق ميشال فيرو. وفي الوقت نفسه، لم ترغب السيدة سوماروغا في الخوض فيما إذا كانت لإقالة مدير المكتب الفدرالي للهجرة علاقة بحجب القضية عنها.
من المسؤول عما حدث؟في سياق متصل، تشير المعطيات المتوفرة حاليا إلى أن الخطأ الرئيسي المُرتكب في هذه القضية، يكمُن في أن المسؤولين عن معالجة طلبات اللجوء لم يحترموا قوانين اللجوء السويسرية التي تقضي بضرورة دراسة كل ملف يتقدم به أي شخص لطلب اللجوء في الكنفدرالية قبل اتخاذ قرار بمنحه حق اللجوء أو رفضه. وفي الوقت الحاضر، ينطبق هذا الإجراء على جميع الطلبات بما فيها تلك المقدمة عبر الممثليات الدبلوماسية السويسرية في العالم. وفي الوقت الحاضر، تدرس الحكومة السويسرية إمكانية إدخال تعديل قانوني عليه لإلغائه في وقت لاحق.
في الأثناء، جاء في تصريحات وزيرة العدل والشرطة السيدة سيمونيتا سوماروغا أن ما تم تقديمه من طلبات في سوريا ومصر "كان عبارة عن طلبات تمت بطريقة بدائية، وكثيرا ما كان الطلب الواحد يحتوي على عدة اسماء طالبي لجوء".
ويتضح مما رشح لحد الآن حول قضية طلبات اللجوء العراقية، ووفقا لما صرحت به وزيرة العدل والشرطة، أن مدير المكتب الفدرالي للهجرة آنذاك ادوارد نيازا وجه أمرا إلى سفارتي سويسرا في دمشق والقاهرة يقضي "بعدم معالجة الملفات وإرسالها كما هي إلى المكتب الفدرالي للهجرة في برن".
وعن الدوافع الكامنة وراء هذا القرار، قال المعني بالأمر في رد مقتضب على تساؤلات بعض وسائل الإعلام "لقد قمنا بذلك بقناعة ووفقا لما يمليه الضمير". وفضل عدم الدخول في مزيد من التفاصيل لأن الموضوع أصبح الآن محل تحقيق.
وبما أن مسألة من هذا القبيل تتطلب تحمل مسؤولية كبرى في ملف يُعد من الملفات الساخنة في سويسرا، حاولت وسائل الإعلام التعرف على هوية الوزير أو المسؤول (أو المسؤولين) الذي كان على علم بالموضوع آنذاك، إلا أن الجواب الذي حصلت عليه وزيرة العدل والشرطة الحالية بهذا الخصوص فيتلخص في أن "وزيري العدل والشرطة اللذين تناوبا على هذا المنصب أي السيد كريستوف بلوخر والسيدة إيفلين فيدمر شلومبف وحتى وزيرة الخارجية ميشلين كالمي- ري لم يكونوا على علم بالموضوع".
في المقابل، شككت تحقيقات صحفية في صحة هذه الرواية حيث أوردت يومية تاغس انتسايغر بأن الوزير كريستوف بلوخر رد على سؤال بهذا الخصوص بأنه "لا يمكنه تذكر ذلك بدقة، ولكنه يعتقد بأنه قد يكون قد اطلع على الموضوع في حينه". وأضافت الصحيفة الصادرة بالألمانية في زيورخ "وقد أكد ذلك أحد الموظفين السابقين في المكتب الفدرالي للهجرة. كما أن وزارة الخارجية هي الأخرى كانت على علم بالموضوع".
في انتظار نتائج التحقيقلهذه الأسباب مجتمعة، ينتظر الجميع في الوقت الحالي نتائج التحقيق الذي يجريه القاضي الفدرالي السابق ميشال فيرو بصفته رئيسا للجنة التحقيق الخارجية التي شكلتها الوزيرة سوماروغا.
فبعد قيام وزيرة العدل والشرطة بإجراء تحقيق داخلي في بداية الصيف، ترغب اليوم في توضيح الأمور عن طريق هذه اللجنة الخارجية لتحديد "ما إذا كان في هذا التأخير انتهاك لقوانين اللجوء المعمول بها في سويسرا". هذا ومن المنتظر أن تقدم اللجنة نتائج تحقيقها قبل نهاية السنة الحالية.
swissinfo.ch مع الوكالات